كلام بنات
قصه مريرة
بقلم
سعاد مصطفى
نوع العمل : قصة قصيرة
اسم المؤلف: سعاد مصطفى
دار النشر : حكاوى للنشر الالكترونى
غلاف : بسمة محمود
تنسيق داخلى : أسماء عادل
جميع الحقوق محفوظة ل #مجلة_الشفق
#قصص_وروايات_مجلة_الشفق
سعاد مصطفى - مجلة الشفق - قصص جوال- قصص رومانسية مكتوبة- قصص فصحى - قصص من الواقع
_______________________
لا أحد
برئ
لقد فقدنا البراءة منذ وقت طويل .
علي عكس المتوقع بمجتماعاتنا الشرقية فالبنت تفقد لدينا برائتها مبكرا
جدا .
أنا هنا لا أتحدث علي تلك البراءة التي ترد علي أذهان الجميع عند سماع الكلمه ، بل أقصد
نوعا آخر من البراءه.
المتعارف عليه بمجتمعنا أن براءة البنت تسلب منها بعد الزواج هذا إن
كانت شريفة ولم تفقدها من قبل بإرادتها أو دونها .
نعم ، فالفتاة التي تعرضت للإغتصاب لدينا تصنف ضمن الساقطات أيضا .
نحن مجتمع منحرف ، مزدوج المعايير.
الرجل الذي قام بالتحرش أو الإغتصاب هو مجرد وغد برئ إنساق خلف شهوته
التي حركتها تلك الأنثي الفاسقه التي خرجت من بيتها مرتديه ملابس ضيقه أو تضع زينة
علي وجهها .
لماذا تفعل ذلك؟
لماذا تخرج من بيتها أصلا؟
لماذا تزاحم الرجال علي فرص العمل وعلي الأماكن في المواصلات العامة .
بل لماذا تتعلم من الأساس؟.
مازلنا نكيل بمكيالين إلي الآن رغم إدعاءنا الكاذب بالإلتحاق بموكب
الحضارة وتحرر الفكر .
لكن الحقيقة التي أقصدها هي أن البراءة تفقد قبل ذلك بكثير
والبراءة التي أتحدث عنها هنا ليست العذرية
بل براءة الروح .
وبراءة الروح تسلب منا نحن الفتيات بالطفولة
عندما نتعرض للختان ، ويكشفون عن جسدنا أمام حشد كبير من الأقارب
والغرباء كي يقترب رجل قذز لزج ويقتطع جزءا من جسدنا بحجة الحفاظ علي الفضيلة.
ويالها من حماقه ؟
فبعضنا قد يفقد روحه
أثناء ذلك .
ومن تعيش ، تحيا بنصف
روح .
لم أنسٍ ذلك اليوم
أبدا ، كنت بالعاشرة من عمري، وقد سمعتهم بالصدفة وهم يتحدثون بالأمر .
لم أصدق بالبداية
فوالديّ يحبونني ولن يفعلوا بي هذا أبدا .
لكنهما فعلا رغم ذلك.
بذلك اليوم الكئيب
قتلوا روحي وأفقدوني جزءا من برائتي.
نظرت حولي ولم أجد
أبي فقد فضل الخروج والإبتعاد وعدم رؤيتي وأنا أذبح، أما أمي فقد وجدت لنفسها
زاوية بعيدة بالمنزل لتبكي بها بهدوء دون محاولة إنقاذي .
وذلك الوجه الذي لن
أنساه أبدا .
ذلك الرجل الكث
الحاجبين وله عينين ضيقتين كعينان ذئب . وأنف طويل كحد السيف وشارب عريض يتدلي
لأسفل ليغطي شفته العليا ويكشف عن الأخري الغليظة التي يضغط عليها بأسنانه .
وتلك النظرة المتشفية
بعينيه ، تلك التي تظهر علي رجل قد أدمي خصمه وثأر لكرامته .والتي لا أجد مبررا
لها فأنا لست ندا له .
لقد ظل ذلك الوجه رفيقا لكوابيسي لبضعة أشهر فيما
بعد.
لقد فقدت جزءا من
برائتي بهذا اليوم ، وتوالت الأجزاء فيما بعد .
فقدت جزءا آخر عندما
سمعت صوت تنهدات أمي وهي مع أبي فرقت جدران منزلنا تسمح لي بذلك .
باليوم التالي لم
أقوي علي النظر بوجههما وظللت أتجنبهما .
فقدت جزءا أخر عندما
أذاعت أمي خبر حدوث دورتي الشهرية الأولي علي آذان جميع قريباتنا وعندما تلقيت
منهن تلك النظرات الخبيثه التي تقول
مرحبا بك في عالم
النساء الكئيب.
عندما سألتها غاضبة
ـ لما فعلت ذلك؟
هزت كتفيها قائلة
ـ إنه حديث للكبار لا
شأن لك به .
كنت غاضبة جدا
،فلماذا يهتم الكبار بشئ كهذا وهو أمر خاص بي أنا .
عندما دخلت الجامعة
وكنت سأسافر وحدي للمرة الأولي تلقيت قائمة طويلة من النصائح
أسميتها (قائمة لا)
فهي كانت تسير علي
النمط التالي
ـ لا تسمحي لأحد غريب
بالحديث معك
ـ لا تسمحي لرجل
بلمسك ولا فتاة أيضا فلقد أصبحنا بعالم غريب
ـ لا تتأخري بالكلية
أبدا فعليك العودة للمدينة الجامعية مبكرا
وهكذا أصبح لي قائمه
عريضة من لا عليّ أن ألتزم بها
وهنا أتي الجزء
التالي من برائتي الذي عليّ أن أفقده
عندما تحرش بي أحدهم
بوسيلة المواصلات تحت أنظار البعض المتلذذه
بالطبع هناك الكثير
الذي قد يراك بمأزق ولا يمد لك يد العون .
بل ينتظر إلي أن يراك
تغرق أو تنقذ نفسك وبالحالتين أنت مخطئ وتستحق ما حدث لك .
وهنا كان عليّ أن
أتعتمد علي ذاتي وأوقف كل شخص عند حده وأثأر لكرامتي .
فقد سحبت إبرة من
حجابي وقمت بغرزها في جسده .
والغريب أنه لم يستطع
التأوه بل فر هاربا بإبرة حجابي ، ياله من وغد لقد كانت جديدة .
أما الجزء الآخر الذي
فقدته من برائتي كان بعد ذلك بفترة
عندما إضطررت يوما
للتأخر بالجامعة وعدت أنا وصديقة لي للمدينة وحدنا
كانت الساعة الثامنة
وهي بمقياسي تشبه منتصف الليل.
كنا نسير بسرعة أنا
وهي وكنت أراقب خطوات قدمي كالعادة لكنها لفتت نظري لشئ ما قائلة
ـ إنظري إلي هذه
السيارة.
رفعت نظري وياليتني
لم أفعل
فقد رأيت أكثر مشهد
مقزز بحياتي بتلك الفترة
كانت هناك فتاة برفقة
ثلاثة شباب بالسيارة ولا داعي لشرح ماذا كانوا يفعلون فلك أن تتخيل وحدك.
بذلك اليوم أفرغت
محتويات معدتي وظلت تلك الصورة تطاردني.
أسمع ضحكات البعض
الآن
وماذا في ذلك؟ لما
التقزز ؟
لكن عليّ تذكيركم
أنني فتاة ريفية كانوا يرسلوها للمطبخ عندما يأتي مشهدا خارجا علي التلفاز .فهو
شيئا يحق للكبار فقط رؤيته.
وعندما سألت أمي يوما
من أين يأتي الأطفال ؟
ضحكت وقالت من السوق
لذا كنت أخشي كثيرا
الذهاب للسوق فأنا أكره الأطفال
وأخي الصغير الذي
وضعته أمي فيما بعد كان كثير البكاء وكان مدللا لذا كرهته أكثر وكرهت كل الرجال
أيضا .
عندما أنهيت جامعتي
بسلام
كان الزواج بإنتظاري.
أنا محظوظه
ليس لأنني سأتزوج .
بل لأنني آخر من تفعل
ذلك من صديقاتي وقريباتي .
فلدينا يزوجون البنات
مبكرا جدا وأنا بنظرهم كبيره جدا وقد فاتني القطار أو أوشكت علي تفويته
لكن أبي قد أجل ذلك
لبعد الدراسة
لم أكن أعلم العريس ،
ولم أقابله من قبل .
فقد علمت أنه رجل
بمنتصف الثلاثينات وأنه أحد أقاربنا .كما أنه قد طلب يدي من أبي منذ وقت طويل لكن
أبي أقنعه أن يتمهل كي أنهي دراستي أولا.
عندما عدت بحقيبتي بعد
آخر يوم من الإمتحانات وجدت حشود كثيرة بالمنزل وعلمت أنهم سيعقدون قراني علي ذلك
الرجل
ما إسمه مجددا ؟
هاني .
أجل ، لقد ردده أحدهم
أمامي مرة .
باليوم التالي
تعرضت لآلام مبرحة
بحجة الإستعداد للفرح
ولقد قامت أمي
المبجلة بذلك .
وباليوم التالي كان
زفافي .
أحضروا لي سيدة
للمنزل قامت بتزيني وإرتديت فستانا قامت والدتي بإستئجاره لي.
وقادوني للمزبح تحت
أنظار الجميع وبمباركة والدتي ووالدي .
وهنا فقدت آخر جزء من
برائتي .
لم يخبرني أحد ماذا
عليّ أن أفعل . بل إنتظروا فقط بالخارج.
لن أخبركم بكم الألم
أو الإحساس بالقذارة الذي شعرت به بهذا اليوم . فلا أرغب بالتذكر حقا.
لكن عندما رأؤا
الدليل المادي الوحيد علي برائتي غادروا بسلام.
وأتي هنا دور حماتي.
أتعلمون ذلك الشخص
الذي يعلم كل شئ بالدنيا تجهله أنت ؟
مرحبا بك بعالم
حماتي.
أنها منذ الإسبوع
الأول وهي تسألني هل حدث حمل أم لا .
وبالمناسبة لقد علمت
الآن من أين يأتي الأطفال دون الحاجه لأمي.
وهو أمر غير مضحك
بالمرة بل هو مؤلم جدا.
هذه هي رحلة فقداني
لبرائتي .
رحلة قد سارت بها
الكثيرات غيري بنفس الترتيب أو بإختلافه .
لكنني أراها رحلة غير
سارة
فأتمني أن تسمحوا
لبناتكم أن يحتفظوا بأرواحهم كاملة ولا يعيشوا بنصف روح مثلي.
آسفه
بلا روح مثلي .
فآخر جزء من روحي قد
فقدته يوم إغتصابي
وهو بمعايير مجتمعكم
إغتصاب مشروع
وبمباركة الأسرة الكريمة
تمت بحمد الله
زبادي(سعاد مصطفى)
ملحوظه
هذه القصه لاتمت لي
بصلة وأي تشابه بينها وبين الواقع فهو من صنع خيالكم أنتم
فواقعنا
جميل ومستقبلنا مزدهر ومجتمعنا غير مزدوج المعايير.

0 تعليقات