الحب المشروط - مقال للدكتور عمرو بكر - مجلة الشفق

 نفحة وعي 🤔

(سلسلة مقالات بقلم د/ عمرو بكر) 



(٤٣) الحـــــــــب المشـــــــــروط

لا يصح للمنشغلين بتطوير ذواتهم تداول مصطلح الحب غير المشروط لأنه في تعارض مع مبدئي الإستحقاق وتقدير الذات، فماذا يعني حب بلا شروط؟

 يعني أن تحب كيفما كان المحبوب، وهذا عمليا غير ممكن مع الأسوياء نفسيا، لأنك لن تشعر بالحب أصلا إلا اذا توافق المحبوب مع تفضيلاتك الشخصية من صفات تجدها فيه، سواء صفات شكلية أو خلقية الى آخره، هذه التفضيلات تحددها تركيبة ذاتك وبرمجتها التى تختلف بدورها عن ذوات الآخرين، وأينما وجدت برمجة وجدت تفضيلات.. 

هذه التفضيلات هي شروطك الضمنية في المحبوب كي تشعر نحوه بالحب كما أن لك شروط أخرى في طريقة معاملته لك من ابداء احترام واهتمام إلى آخره من قائمة تفضيلاتك الشخصية، ومصطلح حب بلا شروط يعني أن تلغي جميع تفضيلاتك، فتشعر بالحب تجاه أي شخص بأي صفات حسنه كانت او سيئة كما أنك تقبل منه أي معاملة حسنة كانت أو سيئة، بما يعني أن تلغي ذاتك نفسها، أو كما نقول بالمعنى الدراج ان تكون عديم الشخصية..

 فكيف يتفق ذلك مع مفاهيم الإستحقاق وتقدير الذات التى هي أصلا قائمة على تأكيد ذات، كيف تلغي ذاتك وتؤكدها في نفس الوقت، كلا لا يستقيم الأمر.. 

الحب رد فعل من الدماغ على مثير يوافق الإنحيازات العاطفية للنفس، وهو ينتمي للمكون البشري في الإنسان..

 أما ما يحاولون ترويجه تحت مسمى الحب غير المشروط فهو قريب من مفهوم المحبة وليس الحب، والمحبة مفهوم قائم على ارتفاع سقف التسامح والعطاء وحب الخير للكون بأكمله وهي من المكون الروحي في الإنسان، هي من روح الله التي نفخت فيه، وحتى هذا فلست متأكدا من لا شرطيته.. 

على أية حال الحب والمحبة لا يتعارضان لدى الشخص الواحد، فيمكنك أن ترتقي بجانبك الروحي وتبعث بمحبتك للجميع مع الإحتفاظ بتأكيد ذاتك في ممارسة الحب الذي يلاقي تفضيلاتك العاطفية، دائما أعطي مثالا هنا لفهم المسألة، كان النبي المكرم رحمة للعالمين يحب كافة الخلق محبة، وكان بشرا له انحيازاته العاطفية يحب زوجته عائشة حبا...

اتصور سبب البلبلة هو أننا نترجم عن الغرب، ويبدو أن الغرب لا يمتلك سوى لفظة واحدة للتعبير عن كل من الحب والمحبة ولتكن مثلا

 (Love)

بينما في العربية نملك لفظتين يمكن أن نعبر بهما عن مفهومين منفصلين، الحب والمحبة، يمكننا أن نشرح ذلك للعالم أجمع..

🌾إن الله لا يحب حبّا وإنما يحب محبة، فالحب مادي من الإنسان ويكون في مصلحة المحب، فيما المحبة روحية من الله وتكون في مصلحة المحبوب..

🌾وعندما نتحدث عن خرافة الحب غير المشروط، فينبغي ألا يُحتَج علينا بحب الأم، لأن الأمومة غريزة مستقلة جبلت عليها المرأة وليست حبا يخضع لإنحيازاتها العاطفية المشكّلة بفعل البرمجة، مشاعر الأم غريزية لا تخضع لإنحيازات الأنا، وينبغي لها أن تكون كذلك، ففيها تتجسد رعاية الله للطفل الصغير، وهذه إرادته في إعمار الأرض، ولو خضعت الأمومة لإنحيازات الأنا لدى المرأة لما أختارت المشقة في حمل وولادة ورعاية طفل، ولخلت الأرض سريعا من سكانها، وهذا تجده مثلا عند بعض المشاهير، حيث تتغلب أنا الفنانة مثلا على غريزتها فتجدها تعزف عن الزواج او عن الإنجاب وهنا تكون الفطرة قد تم تشويهها ببرمجات العالم المادي، وهذه أنماط استثنائية لا يقاس عليها.

#مجلة_الشفق


إرسال تعليق

0 تعليقات