رواية رومانسية حب لا يعرف الخوف قصة قصيرة لدكتور محمد لبيب

حب لا يعرف الخوف   
قصة قصيرة بقلمي
د. محمد لبيب سالم
روايات رومانسية ، روايات ، رواية، روايات عربية ، روايات واتباد ، قصص، حواديت ، مسلسلات رمضان 
هي، جرفتها مشاغل اليوم وطلبات الناس في العمل وخارج نطاق العمل كما تعودوا دائماً منها ، أخت قريبة وأم حنون. وهي في طريقها إلي البيت ، شعرت بحاجة ملحة لراحة الجسد المنهك والعقل الثائر متمنية أن تري سريرها الآن لتلقي جسدها عليه وترتاح من تعب وهموم اليوم. وفجأة، جاءتها مكالمة تليفونه كشربة ماء في يوم حار، وكنسمة عبير تلطف صهد أوجاع يوم طويل مملوء بمنغصات الحياة. إمتلأت جوانح نفسها فرحة بكل حرف بالمكالمة. نست أو تناست كل أنواع التعب وانطلقت بداخلها طاقة مملوءة بالفرحة الكامنة والسعادة النائمة في قلبها عندما سمعت صوته علي الفون وهو يطلب لقائها اليوم وبعد قليل. 

هو، لم يصدق نفسه عندما وافقت أن تقابله اليوم والأن وليس الغد كما كان متوقعا واتفقا عليه مسبقا. وافقت علي الفور دون أن يُلح عليها علامة علي حبها الصادق. جري نحو الِمرآة ليري ضحكات عينيه التي كانت تشاهد وحدته منذ قليل. انتهت المكالمة بينهما لتبتدأ رحلة لقاء اليوم التي جاءت له هدية ممن يعشق أن يراها وهي تبتسم ، وهي تدمع ، وهي تقف ، وهي تمشي ، وحتي وهي غائبة عن عينيه. 

هي، ابتسمت وضحكت بلا سبب ولكنها مؤكد منتشية بهذا اللقاء ، فكم تحتاج أن تتحدث إليه وهو يستمع لها حتي تنتهي من كل خواطرها ، فكم تعشق إنصاته لها وابتساماته عندما يداعب حديثها الخجول شفتيها. وما أن وصلت البيت حتي جرت كالطفلة تُغَير من ملابسها لترتدي زي "كاجوال"؟ فهكذا قررت وهي تبتسم لتفاجأه، فهي تعلم جيدا كم يحب المفاجآت، وكم يعشق أن يراها وهي علي طبيعتها بدون ماكياج أو رسميات حين تبدو طفلة مدللة وهو صبيها المتيم. 
قصص عامية قصص قصيرة قصص حلوة قصص واتباد قصص بالفصحى قصص +١٨
كالطفلة ، ارتدت نفس الطاقم التي قابلته به أول مرة ، المرة التي تحدثت عينيه فيها بدلا من شفتيه ليعترف لها بحبه دون أن ينطق بكلمة واحدة سوي "إزيك". جرت مهرولة ومفاتيح السيارة في إحدي يديها وشنطة اليد الصغيرة في يدها الأخري وطارت بالأسانسير إلي الجراج، ومنه إلي سيارتها، وأمام عينيها حبيبها الذي تراه يجري الآن مهرولا إلي مكان اللقاء. ركبت السيارة وتحسست الكرسي الفارغ بجوارها وتمنت أن يسعفها الوقت أن يجلس بجوارها و يصاحبها في جولة بعد اللقاء. طافت بالسيارة في شوارع المدينة والسعادة تغمرها كلما رأت مكانا وقفا أمامه مرة  ، أو ابتاعا منه شيئا ، أو مرت السيارة أمامه وهما سويا. أرادت أن تُشهد كل الأماكن التي جمعتهما في هذه المدينة الصغيرة بأنها تحبه، وبأنها علي موعد معه الآن ، فلتستعد كل الأماكن لإحتمالية زيارة مفاجأة منهما، هو وهي. وبعد أن طافت بالسيارة حول كل الأماكن ، توجهت لمكان اللقاء وقلبها يرتجف من الفرحة. 

أوقفت السيارة في البارك المجاور للكافيه التي تعودا علي اللقاء فيه. طلت من شباك السيارة كالعادة فوجدته هناك ينتظر كالطفل الهائم بلا دليل ، طفل يحيا بقلب نبضه من حرير. فتحت حقيبة يدها لتري عيناها في المرآه  كما تعودت قبل كل لقاء ، فتذكرت الخطاب الذي جاءها أمس من مجهول مع البواب. تعجبت من الخطاب. من هذا الذي يرسل خطابا هذه الآيام في زمن الفيسبوك والإيميل . لم تشأ أن تفتحه حتي لا تفسد اللحظة ولهفة اللقاء وطقوسه، ولكنها فوجئت بأن المظروف ممهور بكلمة "سري للغاية".

تعجبت ياتري من أرسله ولماذا وما هذه الغاية التي وراءها السر الذي يكمن بهذا الخطاب. ترددت أن تفتحه، ولكنها قررت أخيرا أن تقرأه لعلها تشارك حبيبها فيه عند اللقاء. قرأت الخطاب ولم تصدق كل كلمة فيه حتي وصلت لنهايته لتجد إسم غريمها الأول في نهاية الخطاب يحذرها بل يهددها من لقاء الحبيب الذي قد يكون آخر لقاء في الحياة بينهما إن تلاقيا.

نظرت حواليها خائفة ومرتبكة وحائرة فوجدت وراءها شخصا ما في سيارة أخري يبتسم ويتلصص وينتظر. نظرت هناك علي الكافيه فوجدته هناك ينظر في ساعته ويعدل من هندامه؛ ممسكا بوردة حمراء تنام في حضن ورود بيضاء يستعد لإهدائها عند طلتها بمدخل الكافية. ولما رأته علي هذا الحال دمعت عيناها وخافت عليه من هذا اللقاء، ونظرت خلفها فتجمدت الدمعات في مقلتيها خوفا من نظرات هذه العيون الجامدة المتلصصة ورائها.  إحتارت بين الإثنين ، ماذا تفعل بين عيون حانية وعيون قاسية. وبعد لحظات قررت أن ترحل وتترك كل علي حاله.

رجعت لسياراتها ومشت تطوف شوارع المدينة علي نفس الأماكن لتشهدها علي عناد الزمن. دمعت عيناها مرات ومرات ، ولم تدري بنفسها إلا والسيارة تقف دون وعي أمام الكافيه مرة أخري لتجده مازال هناك منتظرا. تعجبت كيف توقفت السيارة وقرأت مشاعر قلبها الباكي ، ولم تمر لحظات حتي قررت بعفوية أن تنزل وتقابله حتي ولو كان آخر لقاء. ولكنه كان أول لقاء لرحلة لم تنتهي حتي الآن فقد كان الحب أقوي من كل التهديدات والمعلومات الزائفة في خطاب من مجهول. 

تحياتي
د. محمد لبيب سالم
استاذ علم المناعة بكلية العلوم جامعة طنطا- مصر
وكاتب وروائي وعضو اتحاد كتاب مصر

إرسال تعليق

0 تعليقات