لا تكن حسودا

 ▪️لا تكن حقودا منتقما ولا حسودا متمنيا زوال النعمة عن الغير: 



فالحقد والحسد من أمراض القلوب الخطيرة التي تؤثر على صاحبها ولو بعد حين...

▫️ومن خلال مخالطتي للناس وجدتُ أن أسرع الناس غضبا هم أصفى الناس قلوبا عن الحقد وقد يقع بينك وبينه مشادة وخصومة فسرعان ما ينطفئ غضبه فتجده من أطيب الناس قلبا والشيء العجيب في هؤلاء بأنه يلقاك وجها لوجه ويلقي عليك السلام ويتحدث معك ويعتذر لك وكأنَّ شيئا لم يحدث مع أنك المخطئ في حقه ومع أنك الذي تسببت في إغضابه... 

وأعرف من هذا الصنف ثلاثة يُضربُ بهم المثل في صفاء القلب من الحقد والغل على ما يظهر من معاملتهم نحسبهم كذلك والله حسيبهم ...

الأول: الوالد حفظه الله وأطال الله في عمره على طاعته وأحسن خاتمته لما تحصل بينه وبين أحد إخواني مشادة وخصومة فأقول في نفسي ما أظن أن الوالد سيسامح بعد هذا الموقف أقل شيء شهر أو أكثر حتى يصفو قلبه... 

فسبحان الله ماهي إلا لحظات يسيرة وإذا بالوالد يقول لنا: قد زعلنا هذا الجني اليوم فيناديه وهو يضحك ويتكلم معه وكأن شيئا لم يحدث... وكذلك الوالدة حفظها الله نفس الطريقة ولله الحمد والمنة. 

الثاني: أخ من الإخوة نسأل الله أن يهب له ولدا ذكرا صالحا يحصل بينك وبينه مشادة وخصومة ويلقاك ويسلم عليك ويضحك معك حتى تقول في نفسك هل هو هذا الشخص الذي خاصمته؟! أو لعله نسي ما حصل بيننا. 

الثالث: مدير مدرسة حفظه الله وعافاه يُعرف بهذه الخصلة الحميدة يتكلم عليه بعض المدرسين ويغضبونه فسرعان ما يناديه باسمه أو يقول له تعال ياجني أيش حصل لك اليوم؟! ثم يعانقه ويقبل رأسه ويعتذر له والمفروض العكس... 

🔹أقول: هذه الخصلة الحميدة قد تكون سببا لدخول أصحابها الجنة والدليل على ذلك حديث: 

يَطْلُعُ الآنَ عليكم رجلٌ من أهلِ الجَنةِ فطَلَعَ رجلٌ من الأنصارِ تَنطُفُ لِحيتُه من وُضوئِهِ ، قدْ عَلَّقَ نَعليْهِ بِيدِه الشِّمالِ ، فلَمَّا كان الغَدُ قال النَّبيُّ مِثلَ ذلِك ؛ الرجلِ مِثلَ المَرَّةِ الأُولَى ، فلَمَّا كان اليومُ الثَّالِثُ قال النَّبيُّ مِثلَ مَقالَتَهُ أيضًا ، فطَلَعَ ذلِكَ الرجلُ على مِثلِ حالِهِ الأَوَّلِ ، فلَمَّا قامَ النبيُّ تَبِعَه عبدُ اللهِ بنُ عمروٍ فقال : إنِّي لَاحَيْتُ أبِي فأقْسَمْتُ أنِّي لا أدخلُ عليه ثلاثًا ، فإنْ رأيتَ أنْ تُؤْويِني إِليكَ حتى تَمْضِي فعلْتَ ؟ قال : نَعَمْ قال أنَسٌ : فكانَ عبدُ اللهِ يُحدِّثُ أنَّه باتَ مَعهُ تلكَ الليالِيَ الثلاثِ ، فلمْ يَرَهُ يَقومُ من الليْلِ شيئًا ، غَيرَ أنَّه إذا تَعارَّ وتَقَلَّبَ في فِراشِهِ ذكر اللهَ عزَّ وجلَّ وكَبَّرَ حتى يقومَ لِصلاةِ الفجرِ قال عبدُ اللهِ : غَيرَ أنِّي لَم أسْمعْهُ يَقولُ إِلَّا خيرًا فلمَّا مَضَتِ الثَلاثُ الليالِيَ ، وكِدْتُ أحْتَقِرُ عَمَلَهُ ، قُلتُ : يا عبدَ اللهِ ! لم يَكن بَينِي وبينَ أبِي غَضَبٌ ولا هِجرةٌ ، ولَكِن سمعتُ رسولَ اللهِ يقولُ لكَ ثلاثَ مَرَّاتٍ يَطْلُعُ الآنَ عليكم رجلٌ من أهلِ الجَنةِ فطَلَعْتَ أنتَ الثلاثَ المَرَّاتِ فأرَدتُ أنْ آوِيَ إِليكَ لأنْظُرَ ما عملُكَ ؟ فأَقْتَدِي به ، فلَمْ أرَكَ عَمِلْتَ كَبِيرَ عَمَلٍ ، فمَا الذي بَلَغَ بِكَ ما قال رسولُ اللهِ ؟ قال ما هو إلا ما رَأَيْتَ فلَمَّا ولَّيْتُ دَعَانِي فقال ما هو إِلَّا ما رَأَيْتَ ؛ غَيرَ أنِّي لا أجِدُ في نَفسِي لأحدٍ من المسلِمينَ غِشًا ، ولا أحْسِدُ أحدًا على خَيرِ أعطاهُ اللهُ إيَّاهُ فقال عبدُ اللهِ : هذه التي بَلَغَتْ بِكَ ، ( وهِيَ التي لا نُطِيقُ )


عن أنس بن مالك أخرجه النسائي في السنن الكبرى. 

إرسال تعليق

0 تعليقات