قراءة وتحميل قصة المكتوب الاخير للكاتبة منال سالم

 #المكتوب_الأخير



(1)

قبل عدة أشهر، كان حبيبي السري الأمير "رسلان" قد أهداني قفصًا ذهبيًا وضع فيه حمامة زاجلة، نظرت إليها بغرابة متفحصة ألوانها الغريبة، فهي مزيج من درجات اللون الأبيض، كما يتشعب ريشها ذلك اللون الداكن الذي يضم خليطًا بين اللونين الأسود والزيتي، تلمست جسدها بحذر، وضحكت مستهزئة منه، لم يعقب عليّ بل طالعني بنظرات ثابتة خالية من التعابير، سخرت من هديته تلك قائلة بدلال:

-ألا تظن أنها سخيفة بعض الشيء؟

رد بجدية تعجبت منها:

-يومًا ما ستشكرينني عليها!

لم أفهم مقصده وقتها، لكنها صــارت رفيقتي أغلب الوقت، هو علمني كيف أستخدمها في إرســال الرسائل السرية بيننا، في البداية وجدت الأمر صعبًا، لكن مع نجاح أول محاولة مني لإرســال مكتوب لي عن طريق ربطه في قدمها الصغيرة واستقبالي لرده في اليوم التالي بات الأمر مسليًا للغاية، تضاعفت حماستي لتكرار الأمر بل إنه حفزني لأتبادل معه الأحجية والألغاز، ومع الوقت تطور الأمر بيننا إلى تبادل رسائل غرامية.

كنا عاشقين سريين نخطط للزواج في وقت لاحق حينما نمهد لوالدينا الأمر؛ فرسلان هو ولي العهد القادم لأحد الملوك المقربين من حاكم مملكتنا، ووقتها كانت الزيجات تتم وفقًا للمصالح العامة، وليس على أساس الوقوع في الحب، فأصبح حبنا فريدًا ومميزًا، أردنا الحفاظ عليه ودوامه، كنت قد التقيت به مصـــادفة في إحدى الحفلات الروتينية بالمملكة، وقد حــاز على اهتمامي بحديثه الشيق حينما رقصنا سويًا لأول مرة، بدا مهتمًا بشخصيتي التي كانت تميل للمرح، فأنا لازلت شابة صغيرة، مقبلة على الحياة بحيوية، ذات بشرة بضة

قصص وروايات فصحى 

روايات واتباد عامية

روايات عامية مصرية

منال سالم

واتباد

روايات قراءة اونلاين

 وملامح بشوشة تسر الناظرين، أخطف الألباب بمشيتي الغناء، وأسرق القلوب بضحكتي العذبة، أما هو فقد كان شجاعًا مقدامًا يمتلك من المهارات القتالية ما يكفي لإنهاء أشرس الحروب لصالحه، لم أنسى نبرة صوته وهو يسألني يومها باهتمام انعكس على نظراته:

-ما اسمك؟

أجبته بغموض:

-أسيشكل ذلك فارقًا معك؟

بدا مزعوجًا من ردي السخيف، لكنه ابتسم قائلاً:

-نعم، إن كنتِ تحبذين هذا

رفعت أنفي للأعلى في شموخ لأجيبه:

-حسنًا، أنا "نردين"!

تقوس فمه بابتسامة متحمسة وهو يعقب قائلاً:

-يليق بكِ

خجلت من تغزله العذب لي، وشعرت بسخونة طفيفة تتسرب إلى وجنتاي فتابع مضيفًا وكأنه يتعمد إلهاب بشرتي وإصباغها بحمرة أشد:

-إذًا فأنتِ كالزهور البرية، تأسرين الأنظار، وتثيرين الفضول

جاهدت لأبدو غير متأثرة بمدحه لجمالي قائلة بتحذير:

-أغلب الزهور البرية محاطة بالأشواك، فلا تنسى ذلك

غمز لي قائلاً بتسلية:

-تستحقين العناء من أجل الوصول إليكِ

توقفنا عن الثرثرة حينما انتهى العزف لأنفصل عن ذراعه المحاوط لخصري قائلة بابتسامة رقيقة وأنا أنحني احترامًا له:

-سعدت برقصي معك

أحنى جذعه قليلاً للأمام ليرد بامتنان:

-وأنا كذلك، أتمنى أن أراكِ مجددًا

رددت بابتسامة تعمدت أن تسحر عقله:

-إن شاءت الأقدار!

مد يده ليلتقط كفي بين أصابعه، رفعه إلى فمه ليطبع قبلة عليه قائلاً وهو مسبل عينيه نحوي:

-إلى اللقاء نردين

اكتفيت بالابتسام الخجل له قبل أن اختفي من أمام ناظريه لانخرط من جديد في جموع الحاضرين، شعرت بأعينه تلاحقني، بأنفاسه تطاردني رغم ابتعادي عنه، أنبئني حدسي أننا سنلتقي من جديد، وها قد حدث ما شعرت به، تكررت اللقاءات بيننا، بل إنه بات أكثر حرصًا مني على رؤيتي في أغلب المناسبات العامة، توطدت صداقتنا، وتعمقت مشاعرنا رغم عدم تجرأ أحدنا على البوح بذلك للأخر، وذات يومٍ قرر أن يهديني تلك الحمامة الزاجلة، فقبلتها منه بصدرٍ رحب. 

#حكاوى_مجلة_الشفق

الفصل الثانى من هنا 

الفصل الاخيرمن هنا 


إرسال تعليق

0 تعليقات